منجز الفن العالمي بكامله آدم حنين
الأربعاء ديسمبر 17, 2014 7:30 am
نحات مصري وأحد رواد الفن التشكيلي المعاصر في الشرق الأوسط
الحدث في سطور
يتمتع آدم حنين المولود في القاهرة عام 1929 بشهرة عالمية كواحد من أبرز النحاتين في العالم العربي.أقام آدم حنين الكثير من المعارض التي حظيت باستحسان النقاد من بينها معارضه الفردية في هورايزن وان هول، وزارة الثقافة، القاهرة 2008، متحف متروبوليتان للفنون (مع معالي وزير الثقافة المصري فاروق حسني)، نيويورك 1999، غاليري كريم فرنسيس للفنون، القاهرة، معرض ايه اس بي في ميونيخ ولندن عام 1988 والمركز الثقافي المصري في باريس عام 1987 ومركز سلطان في الكويت عام 1983 والأكاديمية المصرية في روما عام 1980، كما شارك في معارض جماعية أقيمت في باريس ونابولي وروما والبندقية والإسكندرية والقاهرة ودبي.
وفي عام 1971 سافر آدم إلى باريس "ليتعلم كل شيء عن الفن" ويشارك في معرض للفن المصري المعاصر في متحف جاليريا، إلا أن إقامته في العاصمة الفرنسية امتدت خمسة وعشرين عاماً حتى عام 1996 سافر خلالها إلى إيطاليا وتحديداً إلى بتراسانتا حيث توطدت علاقته بسباك المعادن مارياني.
وعندما عاد الفنان إلى مصر، ذاع صيته كفنان عالمي، ما دفع معالي وزير الثقافة المصري فاروق حسني لأن يطلب منه الإشراف على أعمال ترميم تمثال أبو الهول في الجيزة، كما أنه أسس ويشرف على معرض النحت الدولي الذي يعرض منحوتات من جميع أنحاء العالم.
“لا يمثل آدم حنين الفنون الحديثة للوطن العربي فحسب، بل يمثل منجز الفن العالمي بكامله”.
حياته
لقد كبر حنين في القاهرة حيث كان والده يعمل صائغاً، وكانت التجربة الأولى والقوية الأثر التي عرفها في حداثة سنه عبارة عن زيارة إلى متحف الآثار المصرية حيث اقتيد إلى هناك وهو في الثامنة من العمر مع الأولاد الآخرين في صفه المدرسي، وحيث خامره أول شعور بالتنبؤ بأنه سيصير نحاتاً. هذه الزيارة حملت إليه بالفعل إلهاماً ذا كثافة استثنائية بحيث ما يزال أثره راسخاً في ذاكرته
بعد مرور بضعة أيام وضع الولد في جيبه قطعة من الطين الصلصالي كان قد التقطها في محترف المدرسة، ولدي عودته إلى البيت، شرع في إعداد صورة (بورتريه) لأخناتون ناسخاً صورة تمثال رآه في المتحف إضافة إلى أنها كانت موجودة أيضاً في كتابه المتعلق بالتاريخ. فقولبه ** ولونه ثم عرضه على أبيه الذي كان يعمل صائغاً في القاهرة القديمة وسر الأب بالعمل سروراً كبيراً. فوضعه في واجهة محله وراح يظهره للزائرين القادمين لتبادل الأحاديث. يقودنا هذا إلى مسألة البنوة أو النسب. إذ يبدو أن شعور الفتى آدم بوجود صلة نسب تربطه بملوك مصر القدماء ونحاتيهم، قد ساعد في تطوره اللاحق كفنان.
بعد انقضاء عشر سنوات، وعندما كان يرتاد مكتبة أكاديمية الفنون الجميلة في القاهرة، أتيحت له الفرصة للإطلاع على عدة مجلات فنية جعلته يكتشف أعمال كبار النحاتين الغربيين المعاصرين: قسطنطين برانكوزي، هنري مور، أرستيد مايول، شارل دبيو، مارينو ماريني، أرتورو مارتيني وآخرين. وبفضل هؤلاء الفنانين ألم بالجوهر النقي للنحت في لغته الحديثة التي تشكل سمة مميزة لأعماله. يمكننا إذاً أن نؤكد بأن عمل حنين النحتي يحمل البصمة المزدوجة لأرقى تقاليد الزمن القديم ولحداثة اختصت بها سنوات الأربعينات والخمسينات – وهي السنوات التي بدأ فيها بشق طريقه الفني الخاص. مع ذلك لم يكن لأي واحد من هذين التأثيرين الهائلين أن يقوده إلى إنتاج أعمال متفرعة.
عن انتاجه الفني
خلال سنوات الخمسينات (وكان آنذاك في عشرينات عمره)، أنتج حنين عدة أعمال نحتية تنم من ذي قبل عن مقاربة خفرة وحساسة للموضوع الذي اختاره. فلنذكر منها رأس امرأة "فاطمة" (1953) وأول منحوتة حيوانية (حصان، 1954)، وتمثال نصفي صغير وجذاب لرجل ينفخ بلطف في مزمار غير مرئي "الزمار" (1955)، وشاب يسترخي بكسل، واضعاً يديه خلف رأسه "راحة" (1955)، وأخيراً صورة أم حانية "أم الشهيد" (1957-1958).
هناك العديد من الرسومات الملونة والرسومات على الجبس، العائدة إلى الحقبة ذاتها، وهي تتسم باللطافة البسيطة والكرامة البريئة اللتين يحسن الفنان توظيف صورتهما الإنسانية أحد هذه الأعمال يفاجئنا بعنوانه وبموضوعه على حد سواء: "البشارة" (1954) وهي تمثل غزالة مرسومة على خلفية بيضاء (ومعها في الخلفية شكلان مجردان على صورة المثلث الهندسي تقريباً).
نتاج الستينات
شهدت سنوات الستينات التطور الأكبر في تحقيق الوعود التي كانت بعد غامضة خلال العقد السابق، فشهدت عملية إبداع بضعة من أهم أعمال الفنان.
تشهد على الطريقة الشخصية جدا التي تناول حنين من خلالها مجموعة متنوعة من الأشكال والمواضيع. وينطبق هذا على حالة مجموعة تصميمات نباتية جرى تنفيذها بالحبر في الحرانية عام 1965: إنها رسومات قوية ودقيقة للغاية لنبتات وحبوب يمكنها أن تظهر في بعض الأحيان فظيعة الشكل، لكنها تنضح بطاقة فريدة من نوعها، مما يدل على عزيمة وحشية على العيش. "في تلك الفترة أيضاً
نتاج السبعينات
لقد أستقر آدم حنين وزوجته في باريس في نهاية عام 1971. وكان لهذا الانتقال نتائج جديرة بالأعتبار. فقد أصيب حنين بالذهول، بل حتى شعر بأنه مرهق تقريباً، بسبب غزارة ونوعية الأعمال التي اكتشفها في العديد من متاحف المدينة، وبالرغم من حذره حيال الاتجاهات والنزعات الفنية، فإنه لم يكن قادراً على التفلت من سطوة وجاذبية حضارة بكاملها.
منحوتات سنوات السبعينات
شهدت سنوات السبعينات نفسها ظهور عدة منحوتات حيوانية (مثل كلب وثلاثة قطط) جرى تناولها بأسلوب بات مألوفا، وظهرت عدة منحوتات أخرى ينم تناولها عن اهتمام أكبر العملين الأخيرين، نلحظ أنه أبتكر تظليلات رقيقة أو انتفاخات للسطح للتدليل على المنقار أو الجناح، ناقلاً بهذه الطريقة وبرهافة عالية، صورة الحيوان كما تتبدى في ميدان التجريد.
إن حصول تبدلات على مستوى التقنية المستخدمة قاد حنين إلى إنتاج عدد لا يستهان به من المنحوتات الأكثر خطية، بل حتى إلى إنتاج أطياف ثنائية البعد بالخالص، وذلك في صلة وثيقة مع الرسومات الملونة في المرحلة ذاتها.
منحوتات سنوات الثمانينات
عرفت هذه السنوات أيضاً إبداع ثلاثة "أقراص شمسية" رائعة (ما بين 1980 و 1983)، و"قرص قمري" واحد ووحيد (عام 1986)، وحوالي دزينة من الأعمال الأخرى المنجزة بالبرونز أو الحجر الرملي وهي ذات أحجام ممتلئة من بينها رأس مصنوع من البرونز.
رسومات ملونة مبرزة
تقدم المنحوتات الأخرى مروحة استثنائية من المواضيع، من بينها "نقطة على المحيط" (1980)، "العربة" (1980)، "الديك" (1983)، "كباية وملعقة" (1983 121)، ومنحوتة صممت من أجل عمل تذكاري وهي "لحظة النشوة" (1985)، "صينية القهوة" (1986)، "مركب شراعي" (1986)
السنوات القريبة العهد، أسوان والسفينة
ثمة منحوتات أخرى ذات أحجام صغيرة ظهرت في مطلع سنوات التسعينات: "البوابة" ، "هي من تراقب أحوال الليل"، "الهوى" و "لقاء" تعود كلها إلى عام 1990)، تمثل المنحوتة الأخيرة امرأة وحصاناً واقفين وجهاً لوجه
مع مدرس التاريخ كان يتجول في المتحف المصري في عمر الثامنة, ولكنه فجأة وقف صامتا كالمجذوب يحدق عله يفهم شيئا عن تمثال إخناتون المبهر بضخامته والذي يعد خير شاهد علي البراعة والدقة الفنية وبصيرة المبدع المصري القديم..
فكان الملهم له بأن يمسك صلصاله محاولا تقليد تلك القطعة الفنية المبهرة.. لتخيم علي قلبه الحيرة التي تقوده إلي أن يختلي بأفكاره ليجد نفسه سقط في متاهة ولدت عنده الكثير والكثير من الأسئلة ظلت تؤرقه وهو يبحث لها عن إجابة لم يجدها, حتي شعر بأنه كالغريق ينتظر القشة التي ستنقذه من بحر الظلمات.. لكنه لم يستسلم حتي وجد الإجابات حين التحق بكلية الفنون الجميلة.. لم يكن يعرف أن تلك الأسئلة التي يبحث عن إجاباتها أمام ذلك الفن العميق هي الطريق الذي سيشكل مستقبله.. هكذا بدأ الفنان والنحات الكبير آدم حنين حياته الفنية مبكرا وتشرب الفن المصري الفرعوني منذ الطفولة.. عاش معه وله.. واقع مليء بالأحجار والجرانيت والبازلت والخشب والفخار فرض نفسه عليه حد الطغيان.. ليكتب من خلاله مسيرة خصبة ويخلص له.. فأصبح الكاهن في محراب الفن, أو بمعني أدق في محراب النحت.
فور وصولنا أمام باب فيلته بالحرانية بمنطقة سقارة.. حرص علي استقبالنا وقبل أن يبدأ حديثه أشار لكل جوانب بيته وقال: زالأبواب مفتوحة لكم سواء بالحديقة التي تحمل بعضا من أعمالي أو متحفي أو مرسمي, وبعد الزيارة سأنتظركم لنتحدث عن حركة الفن المتصلة ومراحلي الفنية التي تعكس أفكاري وكينونتي الإنسانيةس.. فبدأنا بالتجول أولا بحديقته المتحفية التي تحتوي علي بعض من قطعه الإبداعية ثم إلي متحفه الذي يتكون من ثلاثة طوابق كل طابق يحمل جزءا من تاريخه وأفكاره وعمره سواء كانت قطعا نحتية أو لوحات فنية.. كل واحدة لا تشبه الأخري فلكل منها روحها ولغتها لتوضح جزءا من عقل وخبرة ولدت علي ضفاف النيل وترعرعت بباريس ونضجت بعد أن اكتشف الميزان الذي يقيس عليه رؤيته الفنية, ذلك الميزان هو الفن الفرعوني.
بعد أن أنهينا جولتنا توجهنا إلي غرفة شيخ النحاتين حيث كان ينتظرنا وهو يجلس علي أريكته المفروشة ببعض المفارش اليدوية, وبدأ معنا بحوار هادئ فيما رأيناه.. فكانت البداية من الجانب الخاص بالشاعر والفنان صلاح جاهين رفيق فنه بل إنه جزء من تاريخ متحفه قبل وفاته, فابتسم حنين وشرد للحظة وكأنه يسترجع لحظاته مع جاهين حينما كانا يحلمان بهذا المتحف.. ودأب جاهين علي ترتيب بعض المقتنيات بنفسه ووضع بعض الأفكار والمقترحات لتصميمه وحماية تاريخ حنين الفني حيث كانت أحلامهما في البداية إقامة المتحف بالأقصر حيث بداية حنين الفنية إلي أن استقر واشتري قطعة أرض بالحرانية بألفي جنيه, ثم اجتذب حنين مجلة يضعها أمامه وقلب في صفحاتها ليجد تمثال النسر حيث يظهر أعلي التمثال مبني مؤسسة الأهرام, وبدأ يسترسل ويقول: حينما انتهيت من تصميم هذا التمثال الذي طلبه مني الأستاذ محمد حسنين هيكل حصلت علي مبلغ ألفي جنيه الذي اشتريت به قطعة الأرض تلك, ولكنني وقتها لم أكن لأفكر بأنني سأقيم عليها متحفي حيث كان الهدف من قطعة الأرض هو بناء بيت لي في مكان هادئ وبعيد عن ضجيج القاهرة إلي أن تحول البيت والمرسم إلي جزء مني فقررت أن أقيم متحفي بنفس المكان الذي قضيت حياتي بمصر به.
أعمال شيخ النحاتين تؤكد علي التوازن والتناغم بين عناصر الثقل والخفة ما بين الأعمال ذات الأحجام الكبيرة والصغيرة مما يقود متابعيه لإعادة القراءة والتأمل.. وحينما سألته عن تلك الحالة الإبداعية التي تقوده وتحفزه لدخول مرسمه ليبدأ في اختيار الشكل واللوحة والمضمون الذي يعبر به عما يدور في خلده قال: نادرا ما أستيقظ ولدي فكرة نحتية, فلا أتذكر أنني دخلت معملي مرة لأقوم بنحت تمثال العامل أو الأمومة أو الحيوان مثلا, ولكنني عادة أستيقظ من نومي وأتوجه إلي مرسمي مباشرة دون أن أقرر ماذا سأقوم به, وأبدأ في ترتيب المرسم وقراءة بعض الأوراق وأثناء ذلك تتفجر شرارة الإبداع لأتوجه مباشرة إلي العمل, حيث إن ثمة شعورا معينا ينتابني ويؤثر علي جسدي وفكري ليوجهني للبداية ثم يكتمل وأنا أقوم بالعمل في القطعة النحتية, إلي أن يحدث الامتزاج بين روحي وذاكرتي وأفكاري وتلك القطعة التي أعمل بها وأظل في تلك الحالة حتي أنتهي من العمل, وطول حياتي لا أعرف سوي العمل الدائم والطويل الشاق والممتع في آن واحد, والذي قد يصل إلي15 ساعة في اليوم, لتكون أعمالي جزءا مني لأنها سلسلة وحلقة مركبة.
التقطت طرف الحديث وسألته: هل تلك الحالة تنطبق علي القطع النحتية فقط أم أنها أيضا تتماثل مع اللوحات الفنية واستخدامك أحيانا للأحبار والفحم والأصباغ الطبيعية علي ورق البردي؟, فقال شيخ النحاتين: الحالة واحدة ولكن الإحساس والاحتياج مختلف فالنحت مختلف ومرهق حيث إنني لا أستطيع أن أعمل سوي4 أعمال نحتية فقط في السنة علي الأكثر, وأستغل باقي طاقتي ووقتي بالرسم, حيث إن مساحة رسم الصورة في الفراغ تعطيك رؤية وزاوية مختلفة وقد تعطيك حلولا سريعة حتي إنني أطلق عليه معمل النحت, فالرسم معمل للتفكير والتدريب وينقلك لمفاهيم أكبر فتذهب للنحت بشجاعة ولديك فكرة ودراسة واستعداد للنحت من خلال الرسم.
في كلتا الحالتين الفنيتين كان تأثير الفن والحضارة المصرية الفرعونية يسيطر علي كل قطعة فنية لحنين بل إنه صنع من خلاله فلسفة مختلفة بلورتها الخبرة العملية.. بل إنه تبني من خلاله وجهة نظر خاصة ومختلفة.. ومع رشقة من كوب الشاي قال شيخ النحاتين: طول عمري مهتم بالحجم والتمثال له وجود خاص في حياتي عكس القلم والخط, ولاحظت أن هذا أيضا أمر مهم عند المصريين القدماء لأنهم يحبون النحت جدا وهذا يظهر في مسلاتهم وتماثيلهم الشاهقة.. وهذا ما لفت انتباهي منذ الصغر في زيارتي الأولي للمتحف المصري حيث وجدت حضارة كاملة وجميلة لا مثيل لها في بيتك, فكانت أول نقرة في عقلي الفني والمذهبي لأتأثر بالحضارة المصرية التي تحدت الزمان والمناخ والمكان, ومجهود يتحدي ثقافة العالم, لتمثل الحضارة المصرية القديمة بالنسبة لي الميزان الذي أقيس وأحكم من خلاله علي كل شيء حولي بل أصبحت أحب كل شيء يقترب من الحضارة المصرية.. فحضارتي هي هويتي وخلودي الحقيقي الذي حماني من الانضواء تحت راية أو مذهب فني بعينه, وأصبح هدفي أن أسير في هذا الطريق, ولكنني لست مصريا قديما فأنا مصري حديث.. اتصلت بالحضارة الأوروبية التي وسعت من رؤيتي للتطور الحضاري الجديد والمهم وأصبحت مطلعا علي الفن الغربي ليحدث المزج بالقديم والجديد حتي لا أقع في فخ وقع فيه بعض الفنانين.
فقاطعته.. هل تقصد مثلا الفخ الذي وقع فيه الفنان محمود مختار رائد الفن الحديث في مصر وتأثره بالفن الغربي وامتزاجه مع الروح المصرية ليخرج بفن جميل يفتقد الشكل المصري الحقيقي كما في تمثال الفلاحة في تمثال نهضة مصر.. فاستكمل حديثه وقال: الفنان الكبير محمود مختار تأثر بالحضارة الرومانية والأوبوك فعلا ولكنه أصر علي أن يتجه بكل خبراته وإمكاناته اتجاها مصريا ويمكن إدراك ذلك في تمثال نهضة مصر والنحت البارز في تمثال سعد زغلول, ففي تمثال نهضة مصر علي الأخص كان ينظر مختار للحالة الجمالية للمرأة المصرية وهي تملأ الماء, أما بالنسبة لي فالأمر مختلف حيث إنني أنزل للفن بنظرة اشتراكية, فمثلا المرأة أنظر لها في حالة الجهد والتعب وهي تعمل وتساعد وتشارك في الكفاح والعمل, فالشخصية المصرية هي في الأصل أكثر اهتماماتي, وسأقولك زلي شغلانة غريبةس فبعد أن انتهيت من الكلية لم يكن ببالي كيف سأحصل علي أموال من دون النحت فالمهم بالنسبة لي ألا أنشغل عن النحت بأي أمر آخر حتي ولو كان الهدف من أجل الأموال, فالنحت ليس فنا عاديا ولكنه فن عميق ويحتاج ليس إلي عمر واحد وإنما إلي عمرين أو ثلاثة, وهذا درس تعلمته من أصحاب بعض التجارب السابقة الذين لم يظهروا للنور لهذا السبب, لذا قررت ألا أركز في شيء سوي النحت والفكرة التي أرغب في تقديمها.
وهذا ما دفعك للسفر إلي الأقصر لتعلم الفن المصري الخالص الموجود هناك من خلال الآثار الخالدة والفن المصري الشعبي الباقي.. قال: صحيح سافرت إلي الأقصر لأدرس الفن المصري وبقايا الفن الشعبي من بيت صغير وأبواب قديمة ومفتاح كالون لباب خشب وبعض الفضلات التي تحمل رائحة الحضارة المصرية من أوان فخارية وأعمال حفرية, ثم بدأت أتأثر بمثل هذه الأشياء وأؤثر فيها وأشعر بكل تلابيبها, ثم بعدها وصلت لمرحلة التفكير في الخلطة المصرية لأستخلص خبرتي وخلطتي الفنية الخاصة من خلال تلك المعايشة والتي قادتني لمتابعة الطبيعة وتغيراتها والنباتات والحيوانات.. فعندما تتعامل مع أي من أنواع النباتات بشكل عادي يختلف عن كونك ترغب في أن تفهمه وترسمه لتتحول معه وتنظر إليه من زوايا مختلفة ومتابعة مراحل نموه.
فقلت له: إذن ما الذي دفعك للسفر والعيش بباريس.. فقال: السفر لباريس كان له واقع مختلف حيث إن وضع مصر في تلك الفترة كان لا يحتاج لفنانين فالبلد كان يحتاج إلي أفعال كبيرة لإنقاذ وطن وإعادة ربيعه بدلا من أن تتساقط أوراقه بفعل احتلال غاشم, لذا قررت السفر عام1971 لأنني لا أعرف العمل السياسي والبلد لا يحتاج لفنانين, فكانت فرصة بالنسبة لي لأتعرف علي آخر صيحات الفن وتطوراته, وكانت خطتي أن أتوجه بعد باريس إلي المكسيك حيث الفن العقلاني الاشتراكي, ولكن بلد الجن والملائكة خطفتني ولم أترك باريس حيث تعرفت علي كل ألوان الفنون وتعلم الحرية في الفن هناك لدرجة الهوس والاعتلاء فوق الأفكار الاعتيادية مما ساعدني علي كسر التقليدية والقيود التي فرضتها علي نفسي مع الاحتفاظ بروحي المصرية الأصيلة. استكملت معه تجربة باريس وقلت له: وهناك قابلت وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني ليكتمل حلمك وتتفق معه علي إقامة السمبوزيوم في مصر, لتحول أسوان من خلال السمبوزيوم إلي قبلة لكل الفنانين من مختلف أنحاء العالم.. ليكمل الآن عامه الـ19, فكيف تقيم تلك التجربة الآن؟ فابتسم حنين ابتسامة رضاء وقال: يكفي أنه لا يوجد سمبوزيوم في العالم لا يوجد به مصريون, بل إنه أصبح هناك نوع من الوحدة وتطور النحت المصري الذي نشتهر به, والعمل مع الحجر المصري بأسوان التي تشتهر به, الحجر الذي يصنع نوعا من الوحدة ليفرض عليك قوانينه وشكله ولغته وروحه, ليؤكد الآن في عامه الـ19 علي قوة وتميز النحت المصري علي مستوي العالم.. اختتمت الحديث مع حنين وجملة واحدة تدور وتتكرر خلال حوارنا وهي زلن يكون لدينا ما نحيا من أجله إذا لم نكن علي استعداد أن نموت من أجلهن
بعد أن أنهينا جولتنا توجهنا إلي غرفة شيخ النحاتين حيث كان ينتظرنا وهو يجلس علي أريكته المفروشة ببعض المفارش اليدوية, وبدأ معنا بحوار هادئ فيما رأيناه.. فكانت البداية من الجانب الخاص بالشاعر والفنان صلاح جاهين رفيق فنه بل إنه جزء من تاريخ متحفه قبل وفاته, فابتسم حنين وشرد للحظة وكأنه يسترجع لحظاته مع جاهين حينما كانا يحلمان بهذا المتحف.. ودأب جاهين علي ترتيب بعض المقتنيات بنفسه ووضع بعض الأفكار والمقترحات لتصميمه وحماية تاريخ حنين الفني حيث كانت أحلامهما في البداية إقامة المتحف بالأقصر حيث بداية حنين الفنية إلي أن استقر واشتري قطعة أرض بالحرانية بألفي جنيه, ثم اجتذب حنين مجلة يضعها أمامه وقلب في صفحاتها ليجد تمثال النسر حيث يظهر أعلي التمثال مبني مؤسسة الأهرام, وبدأ يسترسل ويقول: حينما انتهيت من تصميم هذا التمثال الذي طلبه مني الأستاذ محمد حسنين هيكل حصلت علي مبلغ ألفي جنيه الذي اشتريت به قطعة الأرض تلك, ولكنني وقتها لم أكن لأفكر بأنني سأقيم عليها متحفي حيث كان الهدف من قطعة الأرض هو بناء بيت لي في مكان هادئ وبعيد عن ضجيج القاهرة إلي أن تحول البيت والمرسم إلي جزء مني فقررت أن أقيم متحفي بنفس المكان الذي قضيت حياتي بمصر به.
أعمال شيخ النحاتين تؤكد علي التوازن والتناغم بين عناصر الثقل والخفة ما بين الأعمال ذات الأحجام الكبيرة والصغيرة مما يقود متابعيه لإعادة القراءة والتأمل.. وحينما سألته عن تلك الحالة الإبداعية التي تقوده وتحفزه لدخول مرسمه ليبدأ في اختيار الشكل واللوحة والمضمون الذي يعبر به عما يدور في خلده قال: نادرا ما أستيقظ ولدي فكرة نحتية, فلا أتذكر أنني دخلت معملي مرة لأقوم بنحت تمثال العامل أو الأمومة أو الحيوان مثلا, ولكنني عادة أستيقظ من نومي وأتوجه إلي مرسمي مباشرة دون أن أقرر ماذا سأقوم به, وأبدأ في ترتيب المرسم وقراءة بعض الأوراق وأثناء ذلك تتفجر شرارة الإبداع لأتوجه مباشرة إلي العمل, حيث إن ثمة شعورا معينا ينتابني ويؤثر علي جسدي وفكري ليوجهني للبداية ثم يكتمل وأنا أقوم بالعمل في القطعة النحتية, إلي أن يحدث الامتزاج بين روحي وذاكرتي وأفكاري وتلك القطعة التي أعمل بها وأظل في تلك الحالة حتي أنتهي من العمل, وطول حياتي لا أعرف سوي العمل الدائم والطويل الشاق والممتع في آن واحد, والذي قد يصل إلي15 ساعة في اليوم, لتكون أعمالي جزءا مني لأنها سلسلة وحلقة مركبة.
التقطت طرف الحديث وسألته: هل تلك الحالة تنطبق علي القطع النحتية فقط أم أنها أيضا تتماثل مع اللوحات الفنية واستخدامك أحيانا للأحبار والفحم والأصباغ الطبيعية علي ورق البردي؟, فقال شيخ النحاتين: الحالة واحدة ولكن الإحساس والاحتياج مختلف فالنحت مختلف ومرهق حيث إنني لا أستطيع أن أعمل سوي4 أعمال نحتية فقط في السنة علي الأكثر, وأستغل باقي طاقتي ووقتي بالرسم, حيث إن مساحة رسم الصورة في الفراغ تعطيك رؤية وزاوية مختلفة وقد تعطيك حلولا سريعة حتي إنني أطلق عليه معمل النحت, فالرسم معمل للتفكير والتدريب وينقلك لمفاهيم أكبر فتذهب للنحت بشجاعة ولديك فكرة ودراسة واستعداد للنحت من خلال الرسم.
في كلتا الحالتين الفنيتين كان تأثير الفن والحضارة المصرية الفرعونية يسيطر علي كل قطعة فنية لحنين بل إنه صنع من خلاله فلسفة مختلفة بلورتها الخبرة العملية.. بل إنه تبني من خلاله وجهة نظر خاصة ومختلفة.. ومع رشقة من كوب الشاي قال شيخ النحاتين: طول عمري مهتم بالحجم والتمثال له وجود خاص في حياتي عكس القلم والخط, ولاحظت أن هذا أيضا أمر مهم عند المصريين القدماء لأنهم يحبون النحت جدا وهذا يظهر في مسلاتهم وتماثيلهم الشاهقة.. وهذا ما لفت انتباهي منذ الصغر في زيارتي الأولي للمتحف المصري حيث وجدت حضارة كاملة وجميلة لا مثيل لها في بيتك, فكانت أول نقرة في عقلي الفني والمذهبي لأتأثر بالحضارة المصرية التي تحدت الزمان والمناخ والمكان, ومجهود يتحدي ثقافة العالم, لتمثل الحضارة المصرية القديمة بالنسبة لي الميزان الذي أقيس وأحكم من خلاله علي كل شيء حولي بل أصبحت أحب كل شيء يقترب من الحضارة المصرية.. فحضارتي هي هويتي وخلودي الحقيقي الذي حماني من الانضواء تحت راية أو مذهب فني بعينه, وأصبح هدفي أن أسير في هذا الطريق, ولكنني لست مصريا قديما فأنا مصري حديث.. اتصلت بالحضارة الأوروبية التي وسعت من رؤيتي للتطور الحضاري الجديد والمهم وأصبحت مطلعا علي الفن الغربي ليحدث المزج بالقديم والجديد حتي لا أقع في فخ وقع فيه بعض الفنانين.
فقاطعته.. هل تقصد مثلا الفخ الذي وقع فيه الفنان محمود مختار رائد الفن الحديث في مصر وتأثره بالفن الغربي وامتزاجه مع الروح المصرية ليخرج بفن جميل يفتقد الشكل المصري الحقيقي كما في تمثال الفلاحة في تمثال نهضة مصر.. فاستكمل حديثه وقال: الفنان الكبير محمود مختار تأثر بالحضارة الرومانية والأوبوك فعلا ولكنه أصر علي أن يتجه بكل خبراته وإمكاناته اتجاها مصريا ويمكن إدراك ذلك في تمثال نهضة مصر والنحت البارز في تمثال سعد زغلول, ففي تمثال نهضة مصر علي الأخص كان ينظر مختار للحالة الجمالية للمرأة المصرية وهي تملأ الماء, أما بالنسبة لي فالأمر مختلف حيث إنني أنزل للفن بنظرة اشتراكية, فمثلا المرأة أنظر لها في حالة الجهد والتعب وهي تعمل وتساعد وتشارك في الكفاح والعمل, فالشخصية المصرية هي في الأصل أكثر اهتماماتي, وسأقولك زلي شغلانة غريبةس فبعد أن انتهيت من الكلية لم يكن ببالي كيف سأحصل علي أموال من دون النحت فالمهم بالنسبة لي ألا أنشغل عن النحت بأي أمر آخر حتي ولو كان الهدف من أجل الأموال, فالنحت ليس فنا عاديا ولكنه فن عميق ويحتاج ليس إلي عمر واحد وإنما إلي عمرين أو ثلاثة, وهذا درس تعلمته من أصحاب بعض التجارب السابقة الذين لم يظهروا للنور لهذا السبب, لذا قررت ألا أركز في شيء سوي النحت والفكرة التي أرغب في تقديمها.
وهذا ما دفعك للسفر إلي الأقصر لتعلم الفن المصري الخالص الموجود هناك من خلال الآثار الخالدة والفن المصري الشعبي الباقي.. قال: صحيح سافرت إلي الأقصر لأدرس الفن المصري وبقايا الفن الشعبي من بيت صغير وأبواب قديمة ومفتاح كالون لباب خشب وبعض الفضلات التي تحمل رائحة الحضارة المصرية من أوان فخارية وأعمال حفرية, ثم بدأت أتأثر بمثل هذه الأشياء وأؤثر فيها وأشعر بكل تلابيبها, ثم بعدها وصلت لمرحلة التفكير في الخلطة المصرية لأستخلص خبرتي وخلطتي الفنية الخاصة من خلال تلك المعايشة والتي قادتني لمتابعة الطبيعة وتغيراتها والنباتات والحيوانات.. فعندما تتعامل مع أي من أنواع النباتات بشكل عادي يختلف عن كونك ترغب في أن تفهمه وترسمه لتتحول معه وتنظر إليه من زوايا مختلفة ومتابعة مراحل نموه.
فقلت له: إذن ما الذي دفعك للسفر والعيش بباريس.. فقال: السفر لباريس كان له واقع مختلف حيث إن وضع مصر في تلك الفترة كان لا يحتاج لفنانين فالبلد كان يحتاج إلي أفعال كبيرة لإنقاذ وطن وإعادة ربيعه بدلا من أن تتساقط أوراقه بفعل احتلال غاشم, لذا قررت السفر عام1971 لأنني لا أعرف العمل السياسي والبلد لا يحتاج لفنانين, فكانت فرصة بالنسبة لي لأتعرف علي آخر صيحات الفن وتطوراته, وكانت خطتي أن أتوجه بعد باريس إلي المكسيك حيث الفن العقلاني الاشتراكي, ولكن بلد الجن والملائكة خطفتني ولم أترك باريس حيث تعرفت علي كل ألوان الفنون وتعلم الحرية في الفن هناك لدرجة الهوس والاعتلاء فوق الأفكار الاعتيادية مما ساعدني علي كسر التقليدية والقيود التي فرضتها علي نفسي مع الاحتفاظ بروحي المصرية الأصيلة. استكملت معه تجربة باريس وقلت له: وهناك قابلت وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني ليكتمل حلمك وتتفق معه علي إقامة السمبوزيوم في مصر, لتحول أسوان من خلال السمبوزيوم إلي قبلة لكل الفنانين من مختلف أنحاء العالم.. ليكمل الآن عامه الـ19, فكيف تقيم تلك التجربة الآن؟ فابتسم حنين ابتسامة رضاء وقال: يكفي أنه لا يوجد سمبوزيوم في العالم لا يوجد به مصريون, بل إنه أصبح هناك نوع من الوحدة وتطور النحت المصري الذي نشتهر به, والعمل مع الحجر المصري بأسوان التي تشتهر به, الحجر الذي يصنع نوعا من الوحدة ليفرض عليك قوانينه وشكله ولغته وروحه, ليؤكد الآن في عامه الـ19 علي قوة وتميز النحت المصري علي مستوي العالم.. اختتمت الحديث مع حنين وجملة واحدة تدور وتتكرر خلال حوارنا وهي زلن يكون لدينا ما نحيا من أجله إذا لم نكن علي استعداد أن نموت من أجلهن
.
- emyسوبر
- اوسمه :
عدد الرسائل : 880
تاريخ الميلاد : 21/10/1986
العمر : 37
العمل/الترفيه : \'طالبه جامعيه
المزاج : روشه
تقييم : 34
تاريخ التسجيل : 25/11/2008
رد: منجز الفن العالمي بكامله آدم حنين
الأربعاء ديسمبر 17, 2014 7:50 am
انسان وفنان نحات مبدع ميرسى ياسهوره على الموضوع القيم والشخصيه المصريه الاصيله
- فرحمشرف عام
- اوسمه :
عدد الرسائل : 1042
تاريخ الميلاد : 12/12/1989
العمر : 34
العمل/الترفيه : طالبه
المزاج : جميييييييييييييييييييييييييييييييييل
تقييم : 62
تاريخ التسجيل : 11/11/2008
رد: منجز الفن العالمي بكامله آدم حنين
الأربعاء ديسمبر 17, 2014 8:00 am
اعماله رووعه صادق فى تعبيره اختيار موفق جدا ياسهر
- سارهسوبر
- اوسمه :
عدد الرسائل : 1109
تاريخ الميلاد : 26/10/1987
العمر : 36
العمل/الترفيه : طالبه
المزاج : 100
تقييم : 102
تاريخ التسجيل : 24/10/2008
رد: منجز الفن العالمي بكامله آدم حنين
الأربعاء ديسمبر 17, 2014 8:18 am
صراحه خطير موده جميل وهادى واعماله بتتكلم عنه
- عاشق السهرسوبر
- اوسمه :
عدد الرسائل : 778
تاريخ الميلاد : 10/03/1985
العمر : 39
الموقع : www.sahr2009.yoo7.com
العمل/الترفيه : صيدلى
المزاج : عال العال
تقييم : 23
تاريخ التسجيل : 01/12/2008
رد: منجز الفن العالمي بكامله آدم حنين
الأربعاء نوفمبر 25, 2015 6:01 am
فنان عظيم اعماله بتتكلم عنه
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى