محمد حسين الجزار ملوك الفكاهه
الخميس ديسمبر 25, 2008 8:44 am
محمد حسين الجزار
679 هـ
<BLOCKQUOTE>محمد حسين الجزار شاعر عظيم ساخر فهم
الفُولة لكنه كان قد أدمن الصنف فلم يستطع
الإقلاع عنه، لقد كان جزاراً تجري وراءه
الكلاب بحكم المهنة لكنه أحب الأدب وأحب
أن يكون أديباً وهو بصراحة شديده – وأرجو ألا
يزعل الجزارين- خسارة في الجِزارة – ليس
تقليل من شأنها ولكن لأنه أضاف بأدبه وفنه إلى
متعتنا بأسلوبه الخاص وتميزه ما زاد من هذه
المتعة، ولكن هذا الأدب جعله هو الذي يسير
خلف الكلاب بعد أن كانت تسير خلفه وسواء
سار هو أمامها أو خلفها فنحن في غاية الأنانية
وقد استمتعنا بفنه الراقي وقفشاته الجميلة.
</BLOCKQUOTE>أخشى أن أقيم الصلاة بداري:
لعلنا إذا بدأنا من دار شاعرنا نكون أكثر إنصافاً فالفضول يدفع الكثيرين منا لمعرفة الحياة الخاصة للمشاهير عموماً ولن نحتاج في ذلك إلى سؤال المقربين منه أو العارفين له أو نحتال لزيارته في داره حتى نراها لأنه كفانا ذلك بوصفه الدقيق لها وبسخرية لا حد لها، فهو يخشى الصلاة بها حتى لا تسقط جدرانها بفعل حركات الصلاة الهادئة... ترى كيف كان يُطمئن نفسه حتى ينام فيها:
ودار خراب نزلت بها ... ولكن نزلت إلى السابعة
فلا فرق ما بين أني أكون ... بها أو أكون على القارعة
تساورها هفوات النسيم ... فتصغي بلا أذن سامعة
وأخشى بها أن أقيم الصلاة ... فتسجد حيطانها الراكعة
إذا ما قرأت "إذا زلزلت" ... خشيت بأن تقرأ "الواقعة"
النيل يحترق
احترقت يد أحدهم ويبدو أنه كان غنياً فالتف حوله المنتفعون يواسونه قائلين بأن هذه اليد التي احترقت كانت تغدق عليهم الخيرات سيلاً منهمراً و .. و .. وضاق الجزار بالنفاق فانفجر قائلاً:
قالوا قد احترقت بالنار راحته ... وهي الغمام ومنها الوابل الغدق
وقال قوم وما ضلوا وما وهموا ... بأنها النيل، قلت: النيل يحترق
مافي فمها سن:
تزوج أبوه في شيخوخته من إمرأة مُسنّة ترك عليها الدهر أثره فابيض شعرها وسقطت أسنانها وتجعد جلدها لكن يبدو أن لسانها كان في كامل حيويته وشبابه ولم تزل صلاحيته سارية بخلاف باقي أعضائها وهذا ما جعل شاعرنا يتهكم منها قائلاً يداعب أباه:
تزوج الشيخ أبي شيخة ... ليس لها عقل ولا ذهنُ
لو برزت صورتها في الدجى ... ما جسرت تبصرها الجِنُّ
كأنها في فراشها رِمّةٌ ... وشعرها من حولها قطن
وقائلٌ قال فما سِنَّها؟ ... فقلت ما في فمها سِنُّ
تعيش أنت وتبقى:
اشترى الجزار حماراً كانت سعادته به كبيرة فأبى الحمار الشقي أن يسعد الجزار فمات ولاحظ المحيطون به حزنه الشديد على حماره وتأكد هذا الحزن أكثر بعد قراءتهم لهذا الرثاء فواساه أحدهم ساخراً لما رآه ماشياً دون حماره فقال الجزار ساخراً:
كم من جهول رآني ... أمشي لأطلب رزقا
وقال لي صرت تمشي ... وكل ماشٍ ملقى
فقلت: مات حماري ... تعيش أنت وتبقى
تلقى الجزار بعد موت حماره التعازي في فقيده الغالي وكان ممن عزاه (البوصيري ) الذي قال في ذلك ساخراً:
فلا تأس يا أيها الأديب ... عليه فللموت ما يولد
إذا أنت عشت لنا بعده ... كفانا وجودك ما نفقد
وواساه شاعر آخر بقوله:
مات حمار الأديب فقلت لهم ... مضى وقد فات فينا ما فاتا
من مات في عزه استراح ومن ... خلف مثل الأديب ما ماتا
والغريب والطريف أيضا أن هذا الحمار الذي أخذ كل هذه الشهرة بعد مماته، والتي لو يدري بها لعجل بهذا الموت كان الجزار يقول عنه وهو حي ساخراً:
هذا حمار في الحمير حمار ... في كل خطو كبوة وعثار
قنطار تبن في حشاه شعيره ... وشعيره في ظهره قنطار
الخبز أكبر:
قال الجزار يصف أحد البخلاء:
لا يستطيع يرى رغـــيـ ... ــفــاً عنده في البيت يُكسر
فلو أنه صلى وحا ... شاه ، لقال: الخبز أكبر
جزار لا يعرف رائحة اللحم:
على غير العادة في أن يبقى الجزار لنفسه ألذ مافي الذبيحة فإن شاعرنا قد اقتصرت علاقته باللحم على بيعه فقط:
أصبحت لحاماً وفي البيت لا ... أعرف ما رائحة اللحم
واعتضت من فقري ومن فاقتي ... عن إلتذاذ الطعام بالهم
جهلته فقراً فكنت الذي ... أضله الله على علم
كأنني في جزارتي كلبي:
أعمل في اللحم للعشاء ولا ... أنال منه العشا فما ذنبي
خلا فؤادي وفي فمي وسخٌ ... كأنني في جزارتي كلبي
بالشعر رجوت الكلاب:
أما عن السبب الذي جعله هكذا في حال من الفقر والعوز فهو الشعر ، ولهذا قال رغم آلامه مفضلاً الجزارة على الشعر:
كيف لا أشكر الجزارة ما عشــ ... ــت حفاظاً وأرفض الآدابا
وبها صارت الكلاب ترجيني ... وبالشعر كنت أرجو الكلابا
رجوت فضل الكلاب:
لا تعِبْني بصنعة القصاب ... فهي أذكى من صنعة الآداب
كان فضلي على الكلاب فمنــ ... ــذ صرت أديباً رجوت فضل الكلاب
الجزار والشتاء:
يأتي الشتاء على شاعرنا الظريف وهو لا يملك ما يدفع عنه جيوش برده وأقصى ما يتمنى فيه هو ثوب – مجرد ثوب – يجميه من شدة البرد وغيره يلقاه بالفراء وغيره من الألبسة:
ولذا يصرخ قائلاً:
أتلقى الشتا بجلدي وغيري ... يتلقاه بالفرا السنجابي
وأود المشاق والقطن والصوف ... وغيري لم يرض بالعتابي
ونهار الشتاء أطول عندي ... من نهار الصيام في شهر آب
لو يراني عند الغدو عدوي ... لرثى لي ورق مما يرى بي
إذ يرى سائر المفاصل مني ... راقصات إذ صفقت أنيابي
يا ليتني ما كنت جزاراً:
يضيق الجزار من الشعر والجزارة ويتمنى لو لم يكن قد ابتلى بهما
أصبحت في أمري ولا ... أشكو لغير الله جائر
ولكم يدركني الشتا ... ء بأمره ولكم أكاسر
واللحم يقبح أن أعو ... د لبيعه والشعر بائر
يا ليتني لا كنت جزا ... راً ولا أصبحت شاعر
الحظوظ تختلف:
ويفاضل الجزار بين الشعر والجزارة ويجد أن الجزارة أفضل ويقتنع بترك الشعر لكنه يتعاطاه وهذا هو الدليل:
حسن التأني مما يعين على ... رزق الفتى والحظوظ تختلف
والعبد من كان في جزارته ... يعرف من أين تؤكل الكتف
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
679 هـ
<BLOCKQUOTE>محمد حسين الجزار شاعر عظيم ساخر فهم
الفُولة لكنه كان قد أدمن الصنف فلم يستطع
الإقلاع عنه، لقد كان جزاراً تجري وراءه
الكلاب بحكم المهنة لكنه أحب الأدب وأحب
أن يكون أديباً وهو بصراحة شديده – وأرجو ألا
يزعل الجزارين- خسارة في الجِزارة – ليس
تقليل من شأنها ولكن لأنه أضاف بأدبه وفنه إلى
متعتنا بأسلوبه الخاص وتميزه ما زاد من هذه
المتعة، ولكن هذا الأدب جعله هو الذي يسير
خلف الكلاب بعد أن كانت تسير خلفه وسواء
سار هو أمامها أو خلفها فنحن في غاية الأنانية
وقد استمتعنا بفنه الراقي وقفشاته الجميلة.
</BLOCKQUOTE>أخشى أن أقيم الصلاة بداري:
لعلنا إذا بدأنا من دار شاعرنا نكون أكثر إنصافاً فالفضول يدفع الكثيرين منا لمعرفة الحياة الخاصة للمشاهير عموماً ولن نحتاج في ذلك إلى سؤال المقربين منه أو العارفين له أو نحتال لزيارته في داره حتى نراها لأنه كفانا ذلك بوصفه الدقيق لها وبسخرية لا حد لها، فهو يخشى الصلاة بها حتى لا تسقط جدرانها بفعل حركات الصلاة الهادئة... ترى كيف كان يُطمئن نفسه حتى ينام فيها:
ودار خراب نزلت بها ... ولكن نزلت إلى السابعة
فلا فرق ما بين أني أكون ... بها أو أكون على القارعة
تساورها هفوات النسيم ... فتصغي بلا أذن سامعة
وأخشى بها أن أقيم الصلاة ... فتسجد حيطانها الراكعة
إذا ما قرأت "إذا زلزلت" ... خشيت بأن تقرأ "الواقعة"
النيل يحترق
احترقت يد أحدهم ويبدو أنه كان غنياً فالتف حوله المنتفعون يواسونه قائلين بأن هذه اليد التي احترقت كانت تغدق عليهم الخيرات سيلاً منهمراً و .. و .. وضاق الجزار بالنفاق فانفجر قائلاً:
قالوا قد احترقت بالنار راحته ... وهي الغمام ومنها الوابل الغدق
وقال قوم وما ضلوا وما وهموا ... بأنها النيل، قلت: النيل يحترق
مافي فمها سن:
تزوج أبوه في شيخوخته من إمرأة مُسنّة ترك عليها الدهر أثره فابيض شعرها وسقطت أسنانها وتجعد جلدها لكن يبدو أن لسانها كان في كامل حيويته وشبابه ولم تزل صلاحيته سارية بخلاف باقي أعضائها وهذا ما جعل شاعرنا يتهكم منها قائلاً يداعب أباه:
تزوج الشيخ أبي شيخة ... ليس لها عقل ولا ذهنُ
لو برزت صورتها في الدجى ... ما جسرت تبصرها الجِنُّ
كأنها في فراشها رِمّةٌ ... وشعرها من حولها قطن
وقائلٌ قال فما سِنَّها؟ ... فقلت ما في فمها سِنُّ
تعيش أنت وتبقى:
اشترى الجزار حماراً كانت سعادته به كبيرة فأبى الحمار الشقي أن يسعد الجزار فمات ولاحظ المحيطون به حزنه الشديد على حماره وتأكد هذا الحزن أكثر بعد قراءتهم لهذا الرثاء فواساه أحدهم ساخراً لما رآه ماشياً دون حماره فقال الجزار ساخراً:
كم من جهول رآني ... أمشي لأطلب رزقا
وقال لي صرت تمشي ... وكل ماشٍ ملقى
فقلت: مات حماري ... تعيش أنت وتبقى
تلقى الجزار بعد موت حماره التعازي في فقيده الغالي وكان ممن عزاه (البوصيري ) الذي قال في ذلك ساخراً:
فلا تأس يا أيها الأديب ... عليه فللموت ما يولد
إذا أنت عشت لنا بعده ... كفانا وجودك ما نفقد
وواساه شاعر آخر بقوله:
مات حمار الأديب فقلت لهم ... مضى وقد فات فينا ما فاتا
من مات في عزه استراح ومن ... خلف مثل الأديب ما ماتا
والغريب والطريف أيضا أن هذا الحمار الذي أخذ كل هذه الشهرة بعد مماته، والتي لو يدري بها لعجل بهذا الموت كان الجزار يقول عنه وهو حي ساخراً:
هذا حمار في الحمير حمار ... في كل خطو كبوة وعثار
قنطار تبن في حشاه شعيره ... وشعيره في ظهره قنطار
الخبز أكبر:
قال الجزار يصف أحد البخلاء:
لا يستطيع يرى رغـــيـ ... ــفــاً عنده في البيت يُكسر
فلو أنه صلى وحا ... شاه ، لقال: الخبز أكبر
جزار لا يعرف رائحة اللحم:
على غير العادة في أن يبقى الجزار لنفسه ألذ مافي الذبيحة فإن شاعرنا قد اقتصرت علاقته باللحم على بيعه فقط:
أصبحت لحاماً وفي البيت لا ... أعرف ما رائحة اللحم
واعتضت من فقري ومن فاقتي ... عن إلتذاذ الطعام بالهم
جهلته فقراً فكنت الذي ... أضله الله على علم
كأنني في جزارتي كلبي:
أعمل في اللحم للعشاء ولا ... أنال منه العشا فما ذنبي
خلا فؤادي وفي فمي وسخٌ ... كأنني في جزارتي كلبي
بالشعر رجوت الكلاب:
أما عن السبب الذي جعله هكذا في حال من الفقر والعوز فهو الشعر ، ولهذا قال رغم آلامه مفضلاً الجزارة على الشعر:
كيف لا أشكر الجزارة ما عشــ ... ــت حفاظاً وأرفض الآدابا
وبها صارت الكلاب ترجيني ... وبالشعر كنت أرجو الكلابا
رجوت فضل الكلاب:
لا تعِبْني بصنعة القصاب ... فهي أذكى من صنعة الآداب
كان فضلي على الكلاب فمنــ ... ــذ صرت أديباً رجوت فضل الكلاب
الجزار والشتاء:
يأتي الشتاء على شاعرنا الظريف وهو لا يملك ما يدفع عنه جيوش برده وأقصى ما يتمنى فيه هو ثوب – مجرد ثوب – يجميه من شدة البرد وغيره يلقاه بالفراء وغيره من الألبسة:
ولذا يصرخ قائلاً:
أتلقى الشتا بجلدي وغيري ... يتلقاه بالفرا السنجابي
وأود المشاق والقطن والصوف ... وغيري لم يرض بالعتابي
ونهار الشتاء أطول عندي ... من نهار الصيام في شهر آب
لو يراني عند الغدو عدوي ... لرثى لي ورق مما يرى بي
إذ يرى سائر المفاصل مني ... راقصات إذ صفقت أنيابي
يا ليتني ما كنت جزاراً:
يضيق الجزار من الشعر والجزارة ويتمنى لو لم يكن قد ابتلى بهما
أصبحت في أمري ولا ... أشكو لغير الله جائر
ولكم يدركني الشتا ... ء بأمره ولكم أكاسر
واللحم يقبح أن أعو ... د لبيعه والشعر بائر
يا ليتني لا كنت جزا ... راً ولا أصبحت شاعر
الحظوظ تختلف:
ويفاضل الجزار بين الشعر والجزارة ويجد أن الجزارة أفضل ويقتنع بترك الشعر لكنه يتعاطاه وهذا هو الدليل:
حسن التأني مما يعين على ... رزق الفتى والحظوظ تختلف
والعبد من كان في جزارته ... يعرف من أين تؤكل الكتف
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى